ثم قال ابن کثیر: ذکر تلبیة رسول الله (ص) بالمزدلفة. ثم روى عن مسلم بإسناده عن عبد الرحمن بن یزید قال قال عبد الله و نحن بجمع: سمعت الذی أنزلت علیه سورة البقرة یقول فی هذا المقام: لبّیک، اللهم لبّیک. ثم قال فی وقوفه بالمشعر الحرام و دفعه من المزدلفة قبل طلوع الشمس و ایضاعه فی وادی محسّر، قال الله تعالى «فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْکُرُوا اللَّهَ عِنْدَ
الْمَشْعَرِ الْحَرامِ» الآیة. و قال جابر فی حدیثه: فصلّى الفجر حین تبیّن له الصّبح بأذان و إقامة ثم رکب القصواء حتّى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة فدعا الله عزّ و جلّ و کبّره و هلّله و وحّده، فلم یزل واقفا حتّى أسفر جدّا و دفع قبل ان تطلع الشمس، و أردف الفضل بن عباس وراءه. الى ان قال: قال الحافظ البیهقی، ثم روى عنه بإسناده عن المسور بن مخرمة قال: خطبنا رسول الله (ص) بعرفة فحمد الله و أثنى علیه، ثم قال: أمّا بعد فإنّ أهل الشرک و الأوثان کانوا یدفعون من ههنا عند غروب الشمس حتّى تکون الشّمس على رؤوس الجبال مثل عمائم الرّجال على رؤوسهم، هدینا مخالف لهدیهم.
ثم روى عن الإمام أحمد بإسناده عن ابن عباس انّ رسول الله (ص) أفاض من المزدلفة قبل طلوع الشمس.
ثم روى عن البخاری بإسناده عن ابن عباس أیضا انّ أسامة کان ردف النبی (ص) من عرفة الى المزدلفة، ثم أردف الفضل من المزدلفة الى منى. قال یعنی البخاری: فکلاهما قالا: لم یزل النبی (ص) یلبّی حتّى رمى جمرة العقبة. ثم قال: و رواه ابن جریح عن عطاء عن ابن عباس. و روى مسلم ثم روى عنه بإسناده عن ابن عباس عن الفضل بن عباس، و کان ردیف رسول الله (ص) أنّه قال فی عشیّة عرفة و غداة جمع للناس حین دفعوا: علیکم بالسّکینة، و هو کافّ ناقته حتّى دخل محسّرا و هو من منى، قال (ص): علیکم بحصى الحذف الذی یرمی به الجمرة. قال: و لم یزل رسول الله (ص) یلبّی حتّى رمى الجمرة.
ثم روى عن البیهقی بإسناده عن جعفر بن محمد (ع) عن أبیه عن جابر فی حجّ النبی (ص) حتّى إذا أتى محسّرا حرّک قلیلا. ثم قال رواه مسلم فی الصّحیح عن أبی بکر بن أبی شیبة.
ثم روى عن البیهقی من حدیث سفیان الثوری عن أبی الزّبیر عن جابر قال: أفاض رسول الله (ص) و علیه السّکینة، و أمرهم بالسّکینة و أوضع فی وادی محسّر و أمرهم ان یرموا الجمار بمثل حصى الحذف، و قال (ص): خذوا عنّی مناسککم لعلّی لا أراکم بعد عامی هذا.
ثم روى عن البیهقی أیضا بإسناده عن علی (ع) انّ رسول الله (ص) أفاض من جمع حتّى أتى محسّرا فقرع ناقته حتّى جاوز الوادی، فوقف ثم أردف الفضل ثم أتى الجمرة فرماها. هکذا
رواه مختصرا.
ثم روى عن الإمام أحمد بإسناده عن علی (ع) أیضا قال: وقف رسول الله (ص) بعرفة فقال (ص): انّ هذا الموقف، و عرفة کلّها موقف. و أفاض حین غابت الشمس، و أردف أسامة فجعل یعنق على بعیره و الناس یضربون یمینا و شمالا و لا یلتفت إلیهم، و یقول: السّکینة أیّها النّاس، ثم أتى جمعا فصلّى بهم الصلاتین المغرب و العشاء، ثم بات حتّى أصبح ثم أتى محسّرا فوقف علیه فقرع دابّته فخبت حتّى جاز الوادی ثم حبسها، ثم أردف الفضل و سار حتّى أتى الجمرة فرماها، ثم أتى المنحر فقال (ص): هذا المنحر و منى کلّها منحر. قال یعنی علیّا (ع): و استفتته جاریة شابّة من خثعم فقالت: انّ أبی شیخ کبیر قد أفند و قد أدرکته فریضة الله فی الحج فهل یجزىء عنه ان اؤدّی عنه؟ فقال: نعم فأدّی عن أبیک. و لوّی عنق الفضل، فقال له العباس: یا رسول الله لم لوّیت عنق ابن عمک؟ قال (ص): رأیت شابّا و شابّة فلم آمن الشّیطان علیهما. قال یعنی علیّا (ع): ثم جاءه رجل فقال: یا رسول الله (ص) حلقت قبل ان أنحر؟ قال: انحر و لا حرج. ثم أتاه آخر فقال: یا رسول الله إنّی أفضت قبل ان أحلق؟ قال: احلق، أو قصّر و لا حرج. ثم أتى البیت فطاف، ثم أتى زمزم فقال: یا بنی عبد المطلب سقایتکم و لو لا ان یغلبکم الناس علیها لنزعت معکم. ثم قال ابن کثیر: و قد رواه أبو داود عن أحمد بن حنبل، عن یحیى بن آدم، عن سفیان الثوری. و رواه الترّمذی عن بندار، عن أبی أحمد الزّبیری. و ابن ماجة عن علی بن محمد، عن یحیى بن آدم. و قال الترّمذی: حسن صحیح لا نعرفه من حدیث علی (ع) إلّا من هذا الوجه. ثم قال ابن کثیر: قلت و له شواهد من وجوه صحیحة مخرجة فی الصّحاح و غیرها، فمن ذلک قصّة الخثعمیّة و هو فی الصحیحین من طریق الفضل و تقدّمت فی حدیث جابر و سنذکر من ذلک ما تیسر … الخ.