وحین ظهر أن کثیراً من اجتهادات أئمة المذاهب تخالف النص الوارد عن رسول الله، فقد أجازوا مخالفة نص رسول الله (ص)، والالتزام بآراء أئمة مذاهبهم. فقد قال البعض، وهو یتحدث عن الشافعیة: والعجب منهم من یستجیز مخالفة الشافعی لنص له آخر فی مسألة بخلافه. ثم لا یرون مخالفته لأجل نص رسول الله (ص)(1)
ونقول: إن ملاحظة طریقتهم فی التعامل مع الحدیث، ومع فتاوی أئمتهم تعطینا: أن ذلک لا ینحصر بالشافعی وأصحابه، بل هو ینسحب علی غیرهم من أتباع المذاهب الأخری الأربعة، وغیرها أیضاً. وقد أحصی ابن القیم فی أعلام الموقعین حوالی مئة حدیث لم یأخذ بها مقلدة الفقهاء. حسبما یتضح من مراجعة الأحادیث المبثوثة فی الکتب المعتبرة لدی أهل السنة. وذکر سبط ابن الجوزی جملة من أحادیث الصحیحین لا یأخذ بها الشافعیة، لما ترجح عندهم مما یخالفها. ورد أبو حنیفة علی رسول الله أربع مئة حدیث أو أکثر. وفی روایة: وردّ مئتی حدیث. بل قال حماد بن سلمة: إن أبا حنیفة استقبل الآثاروالسنن فردها برأیه(2)
1) مجموعة المسائل المنیریة ص 32.
2) راجع ما تقدم: فی أضواء علی السنة المحمدیة ص 370 و 371.