جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

البحیرة و السائبة و الوصیلة و الحامی

زمان مطالعه: 2 دقیقه

ومما اعتادت علیه العرب فی الجاهلیة ودرجت علیه ثم جاء الاسلام فنهی عنه: البحیرة والسائبة والوصیلة والحامی، والسبب الذی دعا الاسلام الی شجبها والنهی عنها هو ارتباطها بالشرک وعبادة الأوثان، فقیل: «إن اهل الوبر کانوا یقطعون‏ لآلهتهم من اموالهم من اللحم، وأهل المدر یقطعون لها من‏ الحرث، فکان مما یجعل اصحاب الوبر أن الناقة اذا نتجت‏ خمسة أبطن، عمدوا الی الخامس ما لم یکن ذکرا، فشقوا أذنها، فتلک البحیرة. ولا یجز لها وبر، ولا یذکر علیها ان رکبت‏ اسم اللّه، ولا ان حمل علیها شی‏ء، وکانت البانها للرجال دون‏ النساء». (1)

واما اهل المدر والحرث، فکانوا اذا حرثوا حرثا او غرسوا غرسا، خطوا فی وسطه خطا فقسموه اثنین، فقالوا «ما دون ‏هذا الخط لآلهتهم، وما ذرأه للّه» فان سقط فیما جعلوا لآلهتهم ‏شی‏ء مما جعلوه للّه عز وجل أقروه وترکوه، وإن سقط مما جعلوه لآلهتهم شی‏ء فیما جعلوه للّه تبارک اسمه ‏ردوه». (2)

والبحیرة ماخوذة من کلمة بحر: (وهی الناقة اذا شقت أذنها)، وجاء فی لسان العرب أنها الناقة او الشاة التی أنجبت عشرة‏ بطون. ومثل هذه الناقة تکون موضع احترام العرب، فلا یرکب ‏ظهرها، ولا یجز وبرها، ولا یشرب لبنها الا المنیف، ولا یمنعها أحد من الدخول فی أی مرتع شاءت، کما حرموا علی النساء اکل لحمها، وجعلوا لها علامة تمیزها عن غیرها بأن شقوا اذنها. وقال بعضهم: إنها الناقة التی أنجبت خمسة بطون آخرها انثی، هذا وقد وردت تعریفات اخری للبحیرة فی کتب اللغة‏ والتفاسیر والاخبار، تتفق جمیعها علی ان البحیرة لا یرکب ‏ظهرها، ولا یجز وبرها، ولا یأکل من لحمها الا بعد ان تکون‏ قد حان أجلها، وقال بعضهم بتحریم لحمها ولبنها علی النساء. اما السائبة من الإبل فهی التی تطلق عادة بعد نیل الشفاء او لتفریج هم کبیر

او للنجاة من المصیبة الکبری والفتنة الشدیدة، حیث تسیب ولا یرکب ظهرها بعد هذا أبدا، وهناک تعاریف‏ اخری ذکرت فی هذا المجال. اما الوصیلة فما ورد من اقوال فی باب البحیرة، ورد مثله تقریبا فی تعریف الوصیلة، ومن هذه الاقوال ما جاء فی (لسان العرب‏ – مادة وصل): ان الوصیلة: هی الشاة التی ولدت سبعة ابطن‏عناقین عناقین، فان ولدت فی السابع عناقا قیل: وصلت اخاها فلا یشرب لبن الأم الا الرجال دون النساء، وان کانت انثی‏ ترکت فی الغنم، وان کانت انثی وذکرا قالوا: وصلت اخاها فلم‏ یذبح، وکان لحمها – وقیل لبنها – حراما علی النساء. وقیل: هی الشاة التی تلد سبعة ابطن، عناقین عناقین، فان ‏ولدت فی الثامنة جدیا وعناقا قالوا: «وصلت اخاها»، فلایذبحون اخاها من اجلها، ولا یشرب لبنها النساء، وتجری‏ مجری السائبة. اما الحامی فهو الفحل من الابل یضرب ‏الضراب المعدودة قیل: عشرة ابطن، فاذا بلغ ذلک قالوا: «هذا حام»، ای حمی ظهره، فیترک فلا ینتفع منه بشی‏ء، ولا یمنع‏ من ماء ولا مرعی.وقیل: الحامی من الابل، الذی طال مکثه عندهم. (3)

وقد نهت الایة (103) من سورة المائدة عن هذه المسمیات ‏والمراسم التی وضعت لها لما تضمنته من معانی الشرک‏ والارتباط بعبادة الاصنام، قال تعالی: (ما جعل اللّه من بحیرة‏ ولا سائبة ولا وصیلة ولا حام ولکن الذین کفروا یفترون علی‏ اللّه الکذب واکثرهم لا یعقلون). وقال تعالی: (وقالوا ما فی‏ بطون هذه الانعام خالصة لذکورنا ومحرم علی ازواجنا وان ‏یکن میتة فهم فیه شرکاء…) «الانعام: 139». وقد ادانت الایة (136) من سورة الانعام صورة اخری من صور شرکة الاوثان ‏للّه فی المحاصیل الزراعیة (وجعلوا للّه مما ذرأ من الحرث‏ والانعام نصیبا فقالوا هذا للّه بزعمهم وهذا لشرکائنا فما کان ‏لشرکائهم فلا یصل الی اللّه وما کان للّه فهو یصل الی شرکائهم ‏ساء ما یحکمون).


1) المحبر: ص 330.

2) المحبر: ص 331.

3) لسان العرب، مادة حما.