وبعد ما تقدم، فقد حلت مسألة لزوم قبول روایات بعض علماء أهل السنة الکبار، الذی اتهموا بالتشیع، بسبب روایتهم بعض فضائل علی وأهل بیته علیهم السلام، أو انتقدوا معاویة، وأضرابه. وقبلت أیضاً روایات بعض الشیعة أو الرافضة، التی جاءت منسجمة
مع النهج الفکری الذی یلتزمه غیر الشیعة أیضاً. ثم قبلت أیضاً روایات الصحاح؛ البخاری، ومسلم، والنسائی، وأبی داود. ولکن ذلک کله لا یکفی أیضاً، بل لابد من تصحیح روایة کل خارجی وناصبی، مع أنهم یدّعون: أن هؤلاء أهل بدعة قد ترک أهل السنة حدیثهم(1)
ومع أن فیهم من یدعو إلی بدعته، ومن کان داعیة إلی بدعته لا تقبل روایته(2)
ومع أنه قد تقدم: أن الخوارج معروفون بوضع الحدیث، وقد ترک الناس الروایة عنهم فی البدایة لذلک. فعالجوا هذا المشکل بدعوی: أن الخوارج أعلم بکثیر من الرافضة، والخوارج أصدق من الرافضة. بل الخوارج لا نعلم عنهم أنهم یتعمدون الکذب. بل هم من أصدق الناس(3)
وقال أبو داود: لیس فی أهل الأهواء أصح حدیثاً من الخوارج(4)
وقال التهانوی: الخوارج لا یکادون یکذبون. بل هم من أصدق
الناس مع بدعتهم وضلالهم(5)
وقال ابن تیمیة: الخوارج مع مروقهم من الدین فهم أصدق الناس، حتی قیل: إن حدیثهم أصح الحدیث(6)
وعلل بعضهم صدقهم بأنهم یقولون بأن مرتکب الکبیرة کافر(7)
ولا ندری کیف صح له هذا التعلیل. وهؤلاء الخوارج أنفسهم قد قتلوا عبد الله بن خباب، وارتکبوا جرائم الزنی. وغیرها مما هو مسطور فی تواریخهم؟!
1) میزان الاعتدال ج 1 ص 3 ولسان المیزان ج 1 ص 7 و 12.
2) راجع تفصیل ذلک فیما تقدم وفی لسان المیزان ج 1 ص 10.
3) قواعد فی علوم الحدیث للتهانوی ص 443.
4) میزان الاعتدال ج 3 ص 236 والعتب الجمیل ص 121 وفتح الباری (المقدمة) ص 432 وج 2 ص 154.
5) قواعد فی علوم الحدیث ص 444/ 445.
6) بحوث فی تاریخ السنة المشرفة ص 29.
7) المصدر السابق ص 28.