إنه لا ریب فی أن القصص حینما یکون حقا، وفی خدمة الحق، ووسیلة لتوعیة الناس، وتعریفهم بواجباتهم، فإنه یکون حینئذ محبوبا ومطلوبا لله تعالی، وقد قال عز من قائل: (إن هذا لهو القصص الحق)(1)
وحینما طلب الصحابة من النبی (ص) أن یقص علیهم، نزل قوله تعالی: (نحن نقص علیک أحسن القصص بما أوحینا إلیک هذا القرآن، وإن کنت من قبله لمن الغافلین)(2)
وروی أن سعد الإسکاف قال لأبی جعفر: إنی أجلس فأقص؛ وأذکر حقکم وفضلکم!
قال: وددت أن علی کل ثلاثین ذراعا قاصا مثلک(3)
وکان أبان بن تغلب قاص الشیعة(4)
وکان عدی بن ثابت الکوفی المتوفی سنة 116 ه. إمام مسجد الشیعة وقاصهم(5)
هذا هو رأی الإسلام، وصریح القرآن، ونهج أهل بیت النبوة، ومعدن الرسالة وموقفهم. ولکن الأمر بالنسبة لسیاسات الآخرین، وأهدافهم من هذا الأمر، لم یکن بهذه البساطة، بل هو یختلف تماما مع هذا الذی ذکرناه بصورة حقیقیة وأساسیة، ولتوضیح ذلک نقول:
1) سورة آل عمران/ 62.
2) سورة یوسف/ 3. وراجع: جامع البیان ج 12 ص 90 والدر المنثور ج 4 ص 3 والجامع لأحکام القرآن ج 9 ص 118 وراجع ج 15 ص 248.
3) راجع: اختیار معرفة الرجال ص 214/ 215 وجامع الرواة ج 1 ص 353 وتنقیح المقال ج 2 ص 12 ومنتهی المقال ص 144 ونقد الرجال ص 148 وقاموس الرجال ج 4 ص 324 ومعجم رجال الحدیث ج 8 ص 68/ 69.
4) معرفة علوم الحدیث ص 136.
5) تاریخ الإسلام للذهبی (حوادث سنة 100 ـ 120 هـ) ص 418 و 419.