بدت سیطرة الإسلام على الجزیرة واضحة. و لم یکن رسول الله (صلّى الله علیه و اله) لیلجأ إلى القوة و القتال إلّا بعد إعذار و إنذار، بل و فی أکثر الوقائع کان قتال المسلمین دفاعا، على أن بعض قوى الشرک لا تعی الحق و لا تهتدی سبیلا إلّا بعد عنف و قوة و تهدید و وعید.
و حین عاد المسلمون إلى عاصمة دولتهم- المدینة المنورة- سیّر النبی (صلّى الله علیه و اله) عدة سرایا لتطهیر البلاد من أماکن الوثنیة و أصنام الشرک.
و لقوة المسلمین و الانتصارات المتلاحقة بدأت کل قبائل الجزیرة و زعمائها یسمعون بآذان صاغیة نداء الإسلام و وضوح أهدافه و هدایته، فأخذت الوفود تقدم إلى المدینة لتعلن إسلامها بین یدی رسول الله (صلّى الله علیه و اله)- لذلک سمی هذا العام بعام الوفود(1)- و کان النبی یستقبلهم و یحسن إلیهم و یرسل لهم من یعلمهم فرائض القرآن و شرائع الاسلام.
1) السیرة النبویة لابن هشام: ذکر سنة تسع و تسمیتها سنة الوفود.