قال ابن هشام(1): فقدمت على رسول الله وفود العرب، فقدم علیه عطارد بن حاجب ابن زرارة بن عدیّ التمیمی فی أشراف بنی تمیم … الى ان قال: فلمّا دخل وفد بنی تمیم المسجد نادوا رسول الله (ص) من وراء حجراته ان أخرج إلینا یا محمّد، فآذى ذلک رسول الله (ص) من صیاحهم، فخرج إلیهم، فقالوا: یا محمّد جئناک نفاخرک فأذن لشاعرنا و خطیبنا، قال: قد أذنت لخطیبکم فلیقل، فقام عطارد بن حاجب فقال … الخ. و روى ابن کثیر(2) عن البخاری باسناده عن ابن أبی ملیکة انّ عبد الله بن الزّبیر أخبرهم أنّه قدم رکب من بنی تمیم على النبی (ص) فقال أبو بکر: أمّر القعقاع ابن معبد بن زرارة، فقال عمر: بل أمّر الأقرع بن حابش، فقال أبو بکر: ما أردت الّا خلافی، فقال عمر: ما أردت خلافک، فتماریا حتّى ارتفعت أصواتهما فنزلت «یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ» حتّى انقضت. ثم قال: و رواه البخاری أیضا من غیر وجه عن ابن أبی ملیکة بألفاظ اخر و قد ذکرنا ذلک فی التفسیر عند قوله تعالى «لا تَرْفَعُوا أَصْواتَکُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِیِّ» الآیة … الخ.
و قال محمّد بن سعد(3): ثم خرج رسول الله (ص) فجلس، و خطب خطیبهم و هو عطارد ابن حاجب فقال رسول الله (ص) لثابت بن قیس بن شماس: أجبه، فأجابه، ثم قالوا: أئذن لشاعرنا، فأذن له، فقام زبرقان بن بدر فأنشد، فقال رسول الله (ص) لحسّان بن ثابت: أجبه، فأجابه بمثل شعره، فقالوا: و الله لخطیبه أبلغ من خطیبنا و لشاعره أشعر من شاعرنا و لهم أحلم منّا، و نزل فیهم «إِنَّ الَّذِینَ یُنادُونَکَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَکْثَرُهُمْ لا یَعْقِلُونَ» و قال
رسول الله (ص) فی قیس بن عاصم: هذا سیّد أهل الوبر، و ردّ علیهم رسول الله (ص) الأسرى و السّبی و أمر لهم بالجوائز کما کان یجیز الوفد.
أقول و قد ذکرنا هذه القضیّة فی الجزء الثانی فلذا اقتصرنا هنا على موضع الحاجة.
و روى محمّد بن سعد(4) باسناده عن ربیعة بن عثمان عن شیخ أخبره انّ امرأة من بنی النجار قالت: أنظر الى الوفد یومئذ یأخذون جوائزهم عند بلال اثنتی عشرة أوقیة و نشّا أی نصفا، قالت: و قد رأیت غلاما أعطاه یومئذ و هو أصغرهم خمس أواق … الخ.
1) السیرة النبویة لابن هشام 4/ 206.
2) تفسیر القرآن العظیم لابن کثیر 4/ 220.
3) الطبقات الکبرى 1/ 294.
4) الطبقات الکبرى 1/ 294- 311.