جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

النبی الخاتم فی سطور

زمان مطالعه: 5 دقیقه

ولد خاتم النبیین و سیّد المرسلین محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب (صلّى الله علیه و اله) فی السابع عشر من شهر ربیع الأول من عام الفیل بعد أن فقد أباه، ثم استرضع فی بنی سعد، و ردّ الى امّه و هو فی الرابعة أو الخامسة من عمره. و قد توفّیت امّه حین بلغ السادسة من عمره فکفله جدّه و اختص به و بقی معه سنتین ثمّ ودّع الحیاة بعد أن أوکل أمر رعایته الى عمّه الحنون أبی طالب حیث بقی مع عمّه الى حین زواجه.

و سافر مع عمّه الى الشام و هو فی الثانیة عشرة من عمره و التقى ببحیرا الراهب فی الطریق فعرفه بحیرى و حذّر أبا طالب من التفریط به و کشف له عن تربص الیهود به الدوائر.

و حضر النبیّ (صلّى الله علیه و اله) حلف الفضول بعد العشرین من عمره و کان یفتخر بذلک فیما بعد، و سافر الى الشام مضاربا بأموال خدیجة و تزوجها و هو فی الخامسة و العشرین و فی ریعان شبابه، بعد أن کان قد عرف بالصادق الأمین، و قد ارتضته القبائل المتنازعة لنصب الحجر الأسود لحل نزاعها فأبدى حنکة و ابداعا رائعا أرضى به جمیع المتنازعین.

و بعث و هو فی الأربعین و أخذ یدعو الى الله و هو على بصیرة من أمره‏

و یجمع الاتباع و الأنصار من المؤمنین السابقین.

و بعد مضی ثلاث أو خمس سنوات من بدایة الدعوة الى الله، أمره الله بإنذار عشیرته الأقربین ثم أمره بأن یصدع بالرسالة و یدعو إلى الإسلام علانیة لیدخل من أحبّ الإسلام فی سلک المسلمین و المؤمنین.

و من ذلک الحین أخذت قریش تزرع الموانع أمام حرکة الرسول (صلّى الله علیه و اله) و تحاول أن تمنع من انتشار الرسالة صادّة بذلک عن سبیل الله. و عمل النبی (صلّى الله علیه و اله) الى فتح نافذة جدیدة للدعوة خارج مکة فارسل عدّة مجامیع من المسلمین الى الحبشة بعد أن حظوا باستقبال ملکها (النجاشی) و ترحیبه بقدومهم فاستقروا فیها بقیادة جعفر بن أبی طالب و لم یترکها جعفر الّا فی السنة السابعة بعد الهجرة.

و لم تفلح قریش فی تألیب النجاشی على المسلمین، فبدأت بخطّة جدیدة تمثّلت فی فرض الحصار الاقتصادی و الاجتماعی و السیاسی و الذی استمرّ لمدة ثلاث سنوات- فلمّا أیست من إخضاع النبیّ (صلّى الله علیه و اله) و أبی طالب و سائر بنی هاشم لأغراضها فکّت الحصار و لکن النبیّ (صلّى الله علیه و اله) و عشیرته بعد أن خرجوا من الحصار منتصرین امتحنوا بوفاة أبی طالب و خدیجة- سلام الله علیهما- فی السنة العاشرة من البعثة و کان وقع الحادثین ثقیلا على النبیّ (صلّى الله علیه و اله) لأنّه فقد بذلک أقوى ناصرین فی عام واحد.

و هنا رجّح بعض المؤرّخین تحقق حادثة الاسراء و المعراج و النبیّ فی أوج هذا الحزن و الضغط النفسی على النبیّ (صلّى الله علیه و اله) و هو یرى صدود قریش و وقوفها بکل ثقلها أمام رسالته ففتح الله له آفاق المستقبل بما أراه من آیاته الکبرى فکانت برکات (المعراج) عظیمة للنبی و للمؤمنین جمیعا.

و هاجر الرسول (صلّى الله علیه و اله) الى الطائف لیبحث عن قاعدة جدیدة و لکنه لم یکسب فتحا جدیدا من هذه البلدة المجاورة لمکة و المتأثرة بأجوائها، فرجع الى‏

مکة بعد أن اختار جوار مطعم بن عدی فدخلها، و بدأ نشاطا جدیدا لنشر الرسالة و فی مواسم الحج حیث أخذ یعرض نفسه على القبائل القاصدة للبیت الحرام لأداء مناسک الحج و للاتجار فی سوق عکاظ ففتح الله له أبواب النصر بعد التقائه بأهل یثرب، و استمرّت دعوته الى الله و انتشر الاسلام فی یثرب حتى قرّر الهجرة الیها بنفسه بعد أن أخبره الله تعالى بکید قریش حین أجمعت بطونها على قتله و التخلّص منه نهائیّا، فأمر علیّا (علیه السّلام) بالمبیت فی فراشه و هاجر هو الى یثرب بکل حیطة و حذر، و دخلها و أهل یثرب على أتمّ الاستعداد لاستقباله، فوصل (قبا) فی غرّة ربیع الأول و أصبحت هجرته المبارکة مبدأ للتأریخ الاسلامی بأمر منه (صلّى الله علیه و اله).

و أسّس النبیّ الخاتم (صلّى الله علیه و اله) أوّل دولة اسلامیة فأرسى قواعدها طیلة السنة الاولى بعد الهجرة بدءا بکسر الأصنام و بناء المسجد النبوی الذی أعدّه مرکزا لنشاطه و دعوته و حکومته و بالمؤاخاة بین المهاجرین و الأنصار لیقیم بذلک قاعدة شعبیة صلبة یقوم علیها بناء الدولة الجدیدة، هذا مضافا إلى کتابة الصحیفة التی نظم فیها علاقة القبائل بعضها مع بعض و المعاهدة التی أمضاها مع بطون الیهود حیث کانت تشتمل على الخطوط العامة لأوّل نظام إداری و حکومی إسلامی.

و لقد واجهت الدولة الإسلامیة الفتیة و کذا الدعوة الإسلامیة مواجهة شرسة من جانب قریش التی عزمت على اکتساح الدعوة و الدولة الإسلامیتین فشنّت الحرب بعد الحرب على المسلمین و کان لا بدّ للنبی (صلّى الله علیه و اله) و المسلمین من الدفاع.

و بدأت سنوات الدفاع عن هذه الدولة الفتیة و قد افتتحها بأوّل سریّة بقیادة عمّه حمزة فی الشهر السابع بعد الهجرة و جهّز ثلاث سرایا الى نهایة العام الأوّل من الهجرة. و نزلت فی هذا العام آیات کثیرة من سورة البقرة لترسم للنبی (صلّى الله علیه و اله) و دولته و أمّته أحکاما خالدة و تفضح خطط المنافقین و تکشف مؤامرات الیهود

ضدّ خاتم المرسلین و دولته العالمیة الجدیدة.

لقد استهدفت قریش النبی (صلّى الله علیه و اله) و دولته من خارج المدینة، و استهدف الیهود هذه الدولة من داخل المدینة فرصد النبیّ تحرکاتهم جمیعا، و تتابعت ثمان غزوات و سریّتان طیلة العام الثانی بما فیها غزوة بدر الکبرى فی رمضان المبارک حیث افترضت فریضة الصیام و تمّ تحویل القبلة الذی أعطى لاستقلال الامّة المسلمة و الدولة الاسلامیة بعدا جدیدا.

و حفل العام الثانی بمزید من الانتصارات العسکریة من جانب و نزول التشریعات السیاسیة و الاجتماعیة من جانب آخر و منیت قریش و الیهود بأوّل هزیمة فاضحة کما تمّ إجلاء بنی قینقاع و هم أول طوائف الیهود التی اتّخذت المدینة وطنا بعد أن نکثوا عهدهم مع الرسول (صلّى الله علیه و اله) عقیب انتصار المسلمین فی بدر الکبرى.

و استمرت محاولات قریش العسکریّة ضد الإسلام و المسلمین من خارج المدینة و نکثت قبائل الیهود عهودها مع النبیّ (صلّى الله علیه و اله) عدّة مرّات خلال ثلاث سنوات متتابعة، فکانت خمس غزوات- و هی: احد و بنی النضیر و الأحزاب و بنی قریظة و بنی المصطلق- ذات ثقل باهض على عاتق النبیّ (صلّى الله علیه و اله) و المسلمین جمیعا خلال هذه السنین الثلاث.

و ردّ الله کید الأحزاب و الیهود معا فی العام الخامس بعد أن أبلى المسلمون بلاءا حسنا و مهّد الله بذلک للفتح المبین بعد أن أیست قریش من القضاء على شوکة المسلمین و انطلق النبیّ (صلّى الله علیه و اله) بعد صلح الحدیبیة یتحالف مع القبائل المحیطة به و یستقطبها لیجعل منها قوة واحدة أمام قوى الشرک و الإلحاد جمیعا حتى فتح الله له مکّة فی العام الثامن و مکّنه من تصفیة قواعد الشرک فی شبه الجزیرة بعد أن أخضع عتاة قریش لدولته و سیاسته المبارکة.

ثمّ کانت السنة التاسعة عامرة بوفود القبائل التی أخذت تدخل فی دین الله أفواجا.

و کان العام العاشر عام حجة الوداع و آخر سنة قضاها النبیّ (صلّى الله علیه و اله) مع امّته و هو یمهّد لدولته العالمیة و لامّته الشاهدة على سائر الامم.

و توفّی النبیّ القائد (صلّى الله علیه و اله) فی الثامن و العشرین من صفر المظفر سنة احدى عشرة هجریة بعد أن أحکم دعائم دولته الاسلامیة حیث عیّن لها القیادة المعصومة التی تخلفه و تترسّم خطاه متمثّلة فی شخص علی بن أبی طالب (علیه السّلام) ذلک الانسان الکامل الذی ربّاه الرسول الکریم بیدیه الکریمتین منذ أن ولد و رعاه أحسن رعایة طیلة حیاته، و جسّد الإمام علی بن أبی طالب (علیه السّلام) کل قیم الاسلام فی فکره و سلوکه و خلقه و ضرب مثلا أعلى فی الانقیاد لرسول الله (صلّى الله علیه و اله) و لأوامره و نواهیه فکان جدیرا بوسام الولایة الکبرى و الوصایة النبویة و الخلافة الإلهیة حیث رشّحه عمق وجوده فی کیان الرسالة الاسلامیة و الثورة الإلهیّة و الدولة النبویة لیکون النائب الأوّل لرسول الله (صلّى الله علیه و اله) حین غیابه عن مسرح الحیاة بأمر من الله سبحانه و تعالى.

و قد لبّى الرسول الأعظم (صلّى الله علیه و اله) نداء ربّه بعد أن أتمّ تبلیغ الرسالة بنصب علیّ (علیه السّلام) هادیا و إماما للمسلمین على الرغم من حراجة الظروف و صعوبتها.

و هکذا ضرب الرسول (صلّى الله علیه و اله) المثل الأعلى لطاعة الله و الانقیاد لأوامره حیث بلّغ أمر الله أحسن تبلیغ و أتمّ الحجة بأبلغ بیان.

تلک نظرة سریعة إلى شخصیة و حیاة خاتم الأنبیاء محمّد بن عبد الله (صلّى الله علیه و اله) و هلمّ معنا بعد هذه النظرة إلى دراسة تفصیلیة فی هذا المجال.