کانت للعرب عدّة حروب استحلّت فیها حرمة الأشهر الحرم فسمیت بحروب الفجار(1)
و زعم بعض المؤرخین أنّ النبیّ (صلّى الله علیه و اله) قد حضر بعض أیامها، و شارک فیها بنحو من المشارکة. و قد شکک بعض المحققین فی ذلک لأسباب منها:
اولا: أن الرسول (صلّى الله علیه و اله) کلما تقدم فی العمر کانت شخصیته تزداد تألّقا و قد عرف بشجاعته الفائقة کسائر بنی هاشم، و لکن هذا لا یعنی أنهم شارکوا فی حرب فیها ظلم و فساد. فقد روی أن أحدا من بنی هاشم لم یحضر هذه الحروب فإن أبا طالب کان قد منع أن یکون فیها أحد منهم حین قال: هذا ظلم و عدوان، و قطیعة رحم، و استحلال للشهر الحرام، و لا أحضره و لا أحد من أهلی(2) و انسحب عبد الله بن جدعان و حرب بن أمیة- و هو قائد قریش و کنانة حینذاک- و قالا: لا نحضر أمرا تغیب عنه بنو هاشم(2)
ثانیا: اختلفت الروایات حول الدور الذی أدّاه النبیّ (صلّى الله علیه و اله) فی هذه الحرب، فبعضهم روى: أنّ عمله (صلّى الله علیه و اله) کان یقتصر على مناولة النبل لأعمامه و الردّ على نبل عدوهم و حفظ متاعهم(3) و روى آخر: أنّه قد رمى فیها برمیات(4)، و روى ثالث أنه طعن أبا البراء ملاعب الأسنة فصرعه(4) مع أنه کان غلاما(5)، و لا ندری هل کانت العرب تسمح للغلام بخوض المعارک و الحروب(6)؟
1) موسوعة التاریخ الإسلامی 1: 301- 305 عن الأغانی 19: 74- 80.
2) تاریخ الیعقوبی: 2/ 15.
3) راجع موسوعة التاریخ الاسلامی: 1/ 304.
4) السیرة النبویة لزینی دحلان: 1/ 251، السیرة الحلبیة: 1/ 127.
5) تاریخ الیعقوبی: 2/ 16.
6) راجع الصحیح فی السیرة: 1/ 95.