اهتم النبیّ (صلّى الله علیه و اله) ببناء المجتمع المسلم و من هنا فرض الهجرة على کل مسلم إلّا بعذر و ذلک لاستقطاب کل الطاقات و الکفاءات و سحبها إلى المدینة.
و قد تمتعت المدینة فی هذا العهد الجدید بحیاة الأمن و الاستقرار فأصبح الأمر مزعجا لسائر القوى التی رفضت دعوة النبی (صلّى الله علیه و اله) أولا و رأت فیه طرفا یهدد معتقدها و الیوم أصبح کیانا یرتقی بالإنسان نحو الفضائل و قوة تنمو باطّراد لا یصدّه أحد عن نشر رسالته فأسلمت أعداد کبیرة منهم و مضى قسم آخر یخطط للابتعاد عنه أو التحالف معه.
و من جانب آخر کان النبیّ (صلّى الله علیه و اله) یرصد حرکة النفاق و مساعی الیهود الحاقدة لتقویض الکیان الاسلامی الفتیّ بتمزیق صفوفه بالتفرقة فی ما بین المسلمین.
و لم تمض فترة طویلة حتى دخل الإسلام فی کل بیت من بیوت المدینة(1)، و اتسق النظام الاجتماعی العام تحت حکم الإسلام و قیادة الرسول (صلّى الله علیه و اله).
و فی هذه الفترة شرّعت أحکام الزکاة و الصیام و أحکام اقامة الحدود، کما شرع الأذان لإقامة الصلاة و قبل ذلک کان النبی (صلّى الله علیه و اله) قد أعدّ منادیا ینادی للصلاة
إذا جاء وقتها، و نزل الوحی الإلهی یعلّم رسول الله (صلّى الله علیه و اله) صیغة الأذان(2) فدعا رسول الله (صلّى الله علیه و اله) بنفسه بلالا و علّمه کیفیة الأذان.
1) السیرة النبویة: 1/ 500.
2) الکافی: 1/ 83، تهذیب الأحکام: 1/ 215.