جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

فتح مکة(1)

زمان مطالعه: 2 دقیقه

لقد اختلفت ردود فعل القوى فی المنطقة بعد معرکة مؤتة، فالروم فرحوا من انسحاب المسلمین و عدم تمکّنهم من دخول الشام.

أما قریش فقد سادهم الفرح و انبعثت فیهم الجرأة على المسلمین و أخذوا یسعون لنقض صلح الحدیبیة عبر الإخلال بالأمن فحرّضوا قبیلة بنی بکر على بنی‏

خزاعة (بعد أن دخلت قبیلة بنی بکر فی حلف قریش و خزاعة فی حلف النبی (صلّى الله علیه و اله) اثر صلح الحدیبیة) و أمدّوها بالسلاح فعدت بکر على خزاعة غیلة و قتلوا عددا من أفرادها و هم فی دیارهم آمنین، و کان بعضهم فی حال العبادة ففزعوا إلى رسول الله (صلّى الله علیه و اله) طالبین النصرة، و وقف عمرو بن سالم بین یدی رسول الله (صلّى الله علیه و اله)- و هو جالس فی المسجد- ینشد أبیاتا یعرض فیها نقض العهد.

فتأثر الرسول (صلّى الله علیه و اله) و قال: نصرت یا عمرو بن سالم.

أما قریش فقد انتبهت و أدرکت سوء فعلتها و قد تملّکها الخوف و الهلع من المسلمین فاجتمع رأیهم على إیفاد أبی سفیان الى المدینة لیجدد الصلح و یطلب تمدید المدة من النبی (صلّى الله علیه و اله).

و لکن النبی (صلّى الله علیه و اله) لم یصغ لطلب أبی سفیان و سأله قائلا: هل کان من حدث؟ قال أبو سفیان: معاذ الله، فأجابه النبی (صلّى الله علیه و اله): نحن على مدّتنا و صلحنا.

لکن أبا سفیان لم یهدأ له بال و لم یقنع بل أراد أن یستوثق و یأخذ عهدا و أمانا من رسول الله (صلّى الله علیه و اله) فسعى لتوسیط من یؤثّر على النبی (صلّى الله علیه و اله) فقابله الجمیع بالرفض و اللامبالاة.

فلم یجد إلّا أن یقفل راجعا بالخیبة الى مکة و قد ضاقت الأمور على قوى الشرک حیث تبدلت الظروف، فالنبی (صلّى الله علیه و اله) یطلب مکة فاتحا، بعدّة تتزاید و إیمان یترسخ، و قریش تطلب الأمان و السلامة فی دمائها و أموالها، و قد سنحت الفرصة بنقض الصلح. و تکاد تکون مکة آخر خطوة لتتم سیطرة الاسلام على الجزیرة العربیة برمّتها.

و أعلن النبی (صلّى الله علیه و اله) النفیر العام، و توافدت علیه جموع المسلمین ملبیة نداءه، فجهّز جیشا قارب عدده عشرة آلاف رجل. و اجتهد النبی (صلّى الله علیه و اله) أن یکتم قصده و هدفه إلّا على الخاصة و کان (صلّى الله علیه و اله) یدعو الله قائلا: «اللهم خذ العیون و الأخبار

من قریش حتى نباغتها فی بلادها»(2)

و یبدو أن النبی (صلّى الله علیه و اله) کان یود أن یتحقق النصر المؤزّر سریعا دون إراقة قطرة دم، متخذا اسلوب المباغته. و لکن الخبر تسرب الى رجل کان قد ضعف أمام عواطفه فکتب الى قریش کتابا بذلک و بعثه مع امرأة توصله. و نزل الوحی یخبر النبی (صلّى الله علیه و اله) بذلک فأمر علیا و الزبیر بأن یلحقا المرأة و یسترجعا الکتاب، و انتزع علی بن أبی طالب بقوة إیمانه برسول الله (صلّى الله علیه و اله) الکتاب من المرأة(3)

و لمّا استلم الرسول (صلّى الله علیه و اله) الکتاب جمع المسلمین فی المسجد لیثیر هممهم و یحذر من مسألة الخیانة من جانب و یبیّن من جانب آخر أهمیة کتب؟؟؟ العواطف مرضاة لله. و قام المسلمون یدفعون حاطب بن أبی بلتعة صاحب الکتاب الذی حلف بالله أنه لم یقصد الخیانة و انفعل عمر بن الخطاب و طلب من النبیّ أن یقتله فقال له: «و ما یدریک یا عمر لعلّ الله اطلع على أهل بدر و قال لهم إعملوا ما شئتم فلقد غفرت لکم»(4)


1) تم فتح مکة فی شهر رمضان من السنة الثامنة للهجرة.

2) السیرة النبویة: 3/ 397، المغازی: 2/ 796.

3) السیرة النبویة: 2/ 398.

4) امتاع الاسماع: 1/ 363، المغازی: 2/ 798. و یرى بعض المحققین أن هذا الحدیث من الموضوعات. راجع سیرة المصطفى: 592.