أقفل النبی (صلّى الله علیه و اله) و المسلمون راجعین إلى المدینة بعد أن أمضوا بضع عشرة یوما فی تبوک، و تحرک الشیطان فی نفوس جمع ممّن لم یؤمن بالله و رسوله فعزموا على اغتیال الرسول (صلّى الله علیه و اله) و ذلک بتنفیر ناقته عند مرورها علیهم لیطرحوه فی واد کان هناک.
و حین وصل الجیش الى العقبة (بین المدینة و الشام) قال (صلّى الله علیه و اله): «من شاء منکم أن یأخذ بطن الوادی فإنه أوسع لکم» فأخذ الناس بطن الوادی و سلک هو طریق العقبة و کان یقود ناقته عمار بن یاسر و یسوقها حذیفة بن الیمان، فرأى النبیّ (صلّى الله علیه و اله) فی ضوء القمر فرسانا قد تلثّموا و لحقوا به من ورائه فی حرکة مریبة فغضب (صلّى الله علیه و اله) و صاح بهم و أمر حذیفة أن یضرب وجوه رواحلهم؛ فتمالکهم الرعب و عرفوا بأن النبی (صلّى الله علیه و اله) قد علم بما أضمرته نفوسهم و مؤامرتهم فاسرعوا تارکین العقبة لیخالطوا الناس و لا تنکشف هویّتهم.
و طلب حذیفة من الرسول (صلّى الله علیه و اله) أن یبعث الیهم من یقتلهم بعد ما عرفهم من رواحلهم و لکن رسول الرحمة عفا عنهم و أوکل أمرهم إلى الله تعالى(1)
1) المغازی: 3/ 1042، مجمع البیان: 3/ 46، بحار الأنوار: 21/ 247.
