و روی أن النبی (صلّى الله علیه و اله) خطب خطابا جامعا فقال بعد أن حمد الله و أثنى علیه:
«أیها الناس اسمعوا منی ابین لکم فإنی لا أدری لعلّی لا ألقاکم بعد عامی هذا فی موقفی هذا. أیها الناس إن دماءکم و أموالکم علیکم حرام إلى أن تلقوا ربکم کحرمة یومکم هذا فی شهرکم هذا فی بلدکم هذا. ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد. فمن کانت عنده أمانة فلیؤدّها إلى الذی ائتمنه علیها و إنّ ربا الجاهلیة موضوع، و إن أوّل ربا أبدأ به ربا عمی العباس بن عبد المطلب. و إنّ دماء الجاهلیة موضوعة، و إنّ أول دم أبدأ به دم عامر بن ربیعة بن الحارث بن عبد المطلب و إنّ مآثر الجاهلیة موضوعة غیر السدانة و السقایة، و العمد قود و شبه العمد ما قتل بالعصا و الحجر ففیه مائة بعیر فمن زاد فهو من أهل الجاهلیة.
أیها الناس إنّ الشیطان قد یئس أن یعبد فی أرضکم هذه و لکنه رضی أن یطاع فیما سوى ذلک مما تحتقرون من أعمالکم.
أیها الناس إنما النسیء زیادة فی الکفر یضلّ به الذین کفروا یحلّونه عاما و یحرّمونه عاما لیواطئوا عدّة ما حرّم الله. و إن الزمان استدار کهیئته یوم خلق الله السموات و الأرض و إن عدّة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا فی کتاب الله یوم خلق السماوات و الأرض، منها أربعة حرم، ثلاثة متوالیات و واحد فرد: ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم و رجب الذی بین جمادى و شعبان. ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد.
أیها الناس إن لنساءکم علیکم حقا و إن لکم علیهن حقا. لکم علیهن أن لا یوطئن فرشکم غیرکم و لا یدخلن أحدا تکرهونه بیوتکم إلّا بإذنکم و لا یأتین بفاحشة، فإن فعلن فإن الله قد أذن لکم أن تعضلوهن و تهجروهن فی المضاجع و تضربوهن ضربا غیر مبرح،
فإن انتهین و أطعنکم فعلیکم رزقهن و کسوتهنّ بالمعروف، و إنما النساء عندکم عوار لا یملکن لأنفسهن شیئا، أخذتموهن بأمانة الله و استحللتم فروجهن بکلمة الله فاتقوا الله فی النساء و استوصوا بهنّ خیرا.
أیها الناس إنما المؤمنون إخوة فلا یحلّ لامرئ مال أخیه إلّا عن طیب نفس. ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد. فلا ترجعوا بعدی کفارا یضرب بعضکم رقاب بعض؛ فإنی قد ترکت فیکم ما إن أخذتم به لن تضلوا کتاب الله و عترتی أهل بیتی ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد.
أیها الناس إن ربکم واحد، و إنّ أباکم واحد، کلکم لآدم، و آدم من تراب، أکرمکم عند الله أتقاکم، لیس لعربی على عجمیّ فضل إلّا بالتقوى، ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم.
قال (صلّى الله علیه و اله): فلیبلّغ الشاهد منکم الغائب(1)
أیها الناس إن الله قد قسم لکل وارث نصیبه من المیراث و لا یجوز لوارث وصیة فی أکثر من الثلث، و الولد للفراش و للعاهر الحجر، من ادّعی إلى غیر أبیه أو تولّى غیر موالیه فعلیه لعنة الله و الملائکة و الناس أجمعین، لا یقبل الله منه صرفا و لا عدلا … و السلام علیکم و رحمة الله»(2)
1) بحار الأنوار: 21/ 405.
2) العقد الفرید: 4/ 57، الطبقات الکبرى: 2/ 184، الخصال: ص 487، بحار الأنوار: 21/ 405، و قد ورد النص فی مصادر السیرة و التأریخ مع اختلاف بالزیادة و النقصان.