رغم الدور الأساسی الذی تلعبه العوامل الاقتصادیة والاجتماعیة فی حفظ کیان القبیلة، یبقی للنسب مکانته الخاصة کمائز تمتاز به القبائل عن بعضها البعض، ویحدد لها شخصیتها الذاتیة دون أن تختلط مع بعضها. لهذا کان أبناء القبائل یسعون جهدهم لحفظ أسماء آبائهم وأجدادهم، وبذلک لا یحفظون نسبهم؛ أی هویة قبیلتهم، فحسب، بل ویستحضرون مفاخر القبیلة ومناقبها، لیستحثوا الهمم، ویزیدوا التعصب حدة وقوة. وکان سکان المدن لا یشعرون بالحاجة الملحة لمثل هذه الأمور، رغم حاجتهم الی عوامل الفخر والشرف لتحقیق الانجازات الاجتماعیة المهمة، لکن لیس بتلک الشدة التی کان علیها اهل البادیة، وکان عمر ینتقص من أنباط العراق ویقول: إن هؤلاء ینسبون انفسهم الی قراهم ومحال سکنهم عندما یسألون عن اصلهم ونسبهم. وکان یوصی العرب بالمحافظة علی أنسابهم لکی ینتسبوا الیها عندما یسألون عناصلهم (1)
1) مقدمة ابن خلدون: فصل (فی أن الصریح من النسب إنما یوجد للمتوحشین).