استحدث قصی بعض المناصب، ووزع المسؤولیات المختلفة لتسهیل امر الحج والقیام بالخدمات اللازمة للحجاج بأحسن صورة ممکنة، فجعل حراسة الکعبة وخدمتها والسهر علیها والوقوف علی ابوابها مسؤولیة مستقلة أسماها (الحجابة)، وأوکل مهمة القیام بها لجماعة من قریش أسماهم «الحجاب». ثم أمر جماعة آخرین بالقیام بشؤون سقایة الحاج وتوفیر مایلزمهم من میاه الشرب، وکان هؤلاء یعدون مخازن خاصة للمیاه من الجلود، یضعونها الی جانب الکعبة، ویقفون علیها ایام الحج لیسقوا الحجیج منها. واستحدث قصی ضریبة سماها «الرفادة» وهی مساهمة حالیة یدفعها القرشیون سنویا، لتقدم بین یدی قصی فی موسم الحج، الذی ینفقها بدوره علی الحجیج الفقراء الذین لایستطیعون توفیر ما یلزمهم من زاد ومؤونة أثناء الحج. ووزع قصی تلک المناصب بین أبنائه، فجعل حجابة دار الندوة ورئاستها لعبد الدار الذی کان یحبه کثیرا، وجعله أیضا حامل لوائه، واعطی سدانة البیت وقیادة الحجیج لعبد مناف. وفی روایة اخری لابن اسحاق: ان جمیع هذه المناصب اسندت لعبد الدار (1) لما کان یتمتع به من مکانة خاصة واحترام وتقدیر بین أبناء قصی. وبعد معاهدة (حلف المطیبین) صارت سقایة الحاج والرفادة من شؤون ابناء عبد مناف (2)
1) سیرة ابن هشام، 1/ 136، 137.
2) ابن هشام، المصدر نفسه: 1/ 140.