وحیث لم ینفع الأمر بالسکوت عما شجر بین الصحابة، فقد لجأوا إلی أسلوب آخر للخروج من المأزق. وهو اتهام من ینتقد الصحابة بالزندقة، والخروج من الدین، والإلحاد. قال أبو زرعة: إذا رأیت الرجل ینتقص أحدا من أصحاب رسول الله (ص)، فاعلم أنه زندیق، وذلک أن الرسول (ص) عندنا حق، والقرآن حق، وما جاء به حق. وإنما أدی إلینا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله (ص). وإنما یریدون أن یجرحوا شهودنا، لیبطلوا الکتاب والسنة، والجرح بهم أولی. وهم زنادقة(1)
وقال السرخسی: من طعن فیهم فهو ملحد، منابذ للإسلام، دواؤه السیف، إن لم یتب(2)
ومن الواضح: أن حملة الإسلام وتعالیمه إلی الأمم لیسوا هم الولید بن عقبة ولا مروان بن الحکم، ولا ابن أبی سرح ونظراؤهم، وإنما هم علی علیه السلام وأهل البیت وأبو ذر وسلمان وابن مسعود، وأبی بن کعب ونظراؤهم من أعلام الأمة وعلمائها. وما کلام أبی زرعة وغیره هنا إلا مغالطة ظاهرة، لا تسمن ولا تغنی من جوع.
1) الکفایة فی علم الروایة ص 49 والسنة قبل التدوین ص 405 عنه.
2) أصول السرخی ج 2 ص 134.