جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

سریة الرجیع‏

زمان مطالعه: 4 دقیقه

قال محمد بن سعد(1): ثم سریّة مرثد بن أبی مرثد الغنوی الى الرجیع فی صفر على رأس ستّة و ثلاثین شهرا من مهاجر رسول الله (ص). ثم روى باسناده عن أبی هریرة انّه قال: قدم على رسول الله (ص) رهط من عضل و القارة و هم الى الهون بن خزیمة، فقالوا: یا رسول الله انّ فینا إسلاما فابعث معنا نفرا من أصحابک یفقّهونا و یقرؤنا القرآن و یعلّمونا شرائع الإسلام، فبعث رسول الله معهم عشرة رهط. الى أن قال: و أمّر علیهم عاصم بن ثابت و قال قائل مرثد بن أبی مرثد، فخرجوا حتّى إذا کانوا على الرجیع (و هو ماء لهذیل بصدور الهدأة و الهدأة على سبعة أمیال من عسفان) فغدروا بالقوم و استصرخوا علیهم هذیلا، فخرج إلیهم بنو لحیان فلم یرع القوم إلّا الرجال بأیدیهم السیوف قد غشوهم، فأخذ أصحاب رسول الله (ص) سیوفهم، فقالوا لهم: و الله ما نرید قتالکم انّما نرید أن نصیب بکم ثمنا من أهل مکة، و لکم العهد و المیثاق أن لا نقتلکم. فأمّا عاصم بن ثابت و مرثد بن أبی مرثد و خالد بن البکیر و معتّب بن عبید فقالوا: و الله لا نقبل من مشرک عهدا و لا عقدا أبدا، فقاتلوهم حتّى قتلوا، و أمّا زید بن الدثنة و خبیب بن عدی و عبد الله بن طارق فاستأسروا و أعطوا بأیدیهم.

الى أن قال: حتّى إذا کان بمرّ الظهران انتزع عبد الله بن طارق یده من القران و أخذ سیفه و استاخر عنه القوم، فرموه بالحجارة حتى قتلوه فقبروه بمرّ الظهران، و قدموا بخبیب و زید مکة. ثم قال: فحبسوهما حتّى خرجت الأشهر الحرم ثم أخرجوهما الى التنعیم فقتلوهما،

و کانا صلّیا رکعتین رکعتین قبل أن یقتلا، فخبیب أول من سنّ رکعتین عند القتل.

ثم روى باسناده عن موهب قال: قال لی خبیب و کانوا جعلوه عندی: یا موهب أطلب الیک ثلاثا: أن تسقینی العذب، و أن تجنبنی ما ذبح على النصب، و أن تؤذّنی إذا أرادوا قتلی، انتهى.

و قال العلّامة محمد رضا: فحبسوهما حتّى خرجت الأشهر الحرم فقتلوا زیدا، و أمّا خبیب فکذلک مکث أسیرا حتّى خرجت الأشهر الحرم ثم أجمعوا و کانوا فی أوّل الأمر أساؤا إلیه فی حبسه، فقال لهم: ما یصنع القوم الکرام هکذا بأسیرهم، فأحسنوا إلیه بعد ذلک و جعلوه عند امرأة تحرسه و هی ماویة مولاة حجیر و قد قالت ماویة: کان خبیب یتهجّد بالقرآن، فاذا سمعه النساء بکین و رققن علیه، فقلت له: أهل لک من حاجة؟ قال: لا إلّا أن تسقینی العذب، و لا تطعمین ما ذبح على النصب، و تخبرینی إذا أرادوا قتلی. فلمّا أرادوا ذلک أخبرته … الخ.

قال ابن الأثیر(2): و لمّا قتل عاصم و أصحابه بعث رسول الله (ص) عمرو بن أمیّة الضمری الى مکة مع رجل من الأنصار، و أمرهما بقتل أبی سفیان بن حرب. قال عمرو: فخرجت أنا و معی بعیر لی و برجل صاحبی علة، فکنت أحمله على بعیری حتّى جئنا بطن یأجج (اسم موضع قریب من مکة) فعقلنا بعیرنا فی فناء شعب و قلت لصاحبی: انطلق بنا الى دار أبی سفیان لنقتله، فإن خشیت شیئا فالحق بالبعیر فارکبه و الحق برسول الله و أخبره الخبر و خلّ عنی فانّی عالم بالبلد. فدخلنا مکة و معی خنجر قد أعددته إن عاقنی إنسان ضربته به، فقال لی صاحبی: هل لک أن نبدأ فنطوف و نصلّی رکعتین؟ فقلت: انّ أهل مکة یجلسون بأفنیتهم و أنا أعرف بها، فلم یزل بی حتّى أتینا البیت فطفنا و صلّینا، ثم خرجنا فمررنا بمجلس لهم فعرفنی بعضهم، فصرخ بأعلى صوته: هذا عمرو بن أمیّة، فثار أهل مکة الینا و قالوا: ما جاء إلّا لشرّ و کان فاتکا متشیطنا فی الجاهلیة، فقلت لصاحبی: النجاء هذا و الله الذی کنت‏

أحذر، أمّا أبو سفیان فلیس إلیه سبیل فانج بنفسک فخرجنا نشتدّ حتّى صعدنا الجبل، فدخلنا غارا فبتنا فیه لیلتنا ننتظر أن یسکن الطلب. قال: فو الله انّی لفیه اذ أقبل عثمان بن مالک التیمی یختل بفرس له، فقام على باب الغار، فخرجت إلیه فضربته بالخنجر تحت الثدی، فصاح صیحة أسمع أهل مکة، فأقبلوا إلیه و رجعت الى مکانی فوجدوه و به رمق، فقالوا: من ضربک؟ قال: عمرو بن أمیّة. ثم مات و لم یقدر أن یخبرهم بمکانی، و شغلهم قتل صاحبهم عن طلبی، فاحتملوه و مکثنا فی الغار یومین حتّى سکن الطلب، ثم خرجنا الى التنعیم فاذا بخشبة خبیب و حوله حرس، فصعدت خشبته فاحتللته و احتملته على ظهری، فما مشیت به إلّا نحو أربعین خطوة حتّى نذروا بی (أی اطّلعوا علیّ) فطرحته فاشتدّوا فی أثری، فأخذت الطریق فأعیوا و رجعوا. و انطلق صاحبی فرکب البعیر و أتى النبی (ص) فأخبره، و أمّا خبیب فلم یر بعد ذلک و کأنّ الأرض ابتلعته.

قال الزینی دحلان(3): ثم بعد أن قتلوا خبیبا أبقوه على خشبته مصلوبا مدة و حوله جماعة منهم یحرسونه، فأرسل رسول الله (ص) الزبیر بن العوّام و المقداد بن الأسود و فی روایة عمرو بن أمیّة الضمری فأتوه، فاذا هو رطب لم یتغیّر منه شی‏ء بعد أربعین یوما، فحمله الزبیر على فرسه و سار، فلحقهم سبعون من الکفار فقذفه فابتلعته الأرض … الخ. قال: و سرت حتّى دخلت غارا بضجنان (اسم جبل على برید من مکة) و معی قوسی و أسهمی، فبینا أنا فیه إذ دخل علیّ رجل من بنی الدئل، أعور طویل یسوق غنما، فقال: من الرجل؟ قلت، من بنی الدئل، فاضطجع معی و رفع عقیرته یتغنّى و یقول:

و لست بمسلم ما دمت حیّا

و لست أدین دین المسلمینا

ثم نام فقتلته أسوأ قتلة، ثم سرت فاذا رجلان بعثتهما قریش یتجسّسان أمر رسول الله (ص)، فرمیت بسهم فقتلته و استأسرت الآخر فقدمت على النبی (ص) و أخبرته الخبر، فضحک حتّى بدت نواجذه و دعا لی بخیر … الخ.

و قال ابن کثیر(4): قال عمرو بن أمیّة: فلمّا قدمت المدینة أتى صبیان الأنصار و هم یلعبون، و سمعوا أشیاخهم یقولون: هذا عمرو، فاشتدّ الصبیان الى النبی (ص) فأخبروه، و أتیته بالرجل قد ربطت إبهامه بوتر قوسی، فلقد رأیت النبی (ص) و هو یضحک ثم دعا لی بخیر … الخ.


1) الطبقات الکبرى 2/ 55.

2) الکامل 2/ 169.

3) السیرة النبویة 1/ 257.

4) السیرة النبویة 3/ 138.