قال ابن الأثیر(1): و فی هذه السنة- أی السنة الرابعة من الهجرة- تزوّج رسول الله (ص) زینب بنت خزیمة أم المساکین من بنی هلال فی شهر رمضان، و کانت قبله عند الطفیل بن الحرث فطلّقها.
و هکذا روى الطبری ما نقله ابن الأثیر مع زیادة، و هی قوله: و دخل بها فیه و أصدقها اثنتی عشرة أوقیة و نشا- یعنى نصفا- الخ.
و قال محمد بن سعد(2): ثم سریّة أبی سلمة بن عبد الأسد المخزومی الى قطن (و هو جبل بناحیة فید) به ماء لبنی أسد بن خزیمة فی هلال المحرّم على رأس خمسة و ثلاثین شهرا من مهاجر رسول الله (ص)، و ذلک انّه بلغ رسول الله انّ طلیحة و سلمة ابنی خویلد قد سارا فی قومهما و من أطاعهما یدعونهم الى حرب رسول الله، فدعا رسول الله (ص) أبا سلمة و عقد له لواء و بعث معه مائة و خمسین رجلا من المهاجرین و الأنصار، و قال: سر حتّى تنزل أرض بنی أسد فاغر علیهم قبل أن تلاقی علیک جموعهم، فخرج فأغذ السیر و نکب عن سنن الطریق و سبق الأخبار و انتهى الى أدنى قطن فأغار على سرح لهم، فضمّوه و أخذوا رعاء لهم ممالیک ثلاثة و أفلت سائرهم، فجاؤا جمعهم فحذّروهم فتفرّقوا فی کل ناحیة، ففرّق أبو سلمة أصحابه ثلاث فرق فی طلب النعم و الشاء، فآبوا إلیه سالمین قد أصابوا إبلا و شاء و لم یلقوا
أحدا فانحدر أبو سلمة بذلک کلّه الى المدینة.
و قال محمد بن سعد أیضا: ثم سریّة عبد الله بن أنیس الى سفیان بن خالد نبیح الهذلی بعرنة، خرج من المدینة یوم الإثنین لخمس خلون من المحرّم على رأس خمسة و ثلاثین شهرا من مهاجر رسول الله، و ذلک انّه بلغ رسول الله (ص) انّ سفیان بن خالد الهذلی ثم اللحیانی- و کان ینزل عرنة و ما والاها فی ناس من قومه و غیرهم- و قد جمع الجموع لرسول الله، فبعث رسول الله عبد الله بن أنیس لیقتله، فقال صفه لی یا رسول الله. قال (ص) إذا رأیته هبته و فرقت منه و ذکرت الشیطان. قال: و کنت لا أهاب الرجال، و استأذنت رسول الله (ص) فأذن لی، فأخذت سیفی و خرجت اعتزى الى خزاعة، حتّى إذا کنت ببطن عرنة لقیته یمشی و وراءه الأحابیش و من ضوى إلیه، فعرفته بنعت رسول الله (ص) و هبته فرأیتنی أقطر، فقلت: صدق الله و رسوله. فقال: من الرجل؟ فقلت: رجل من خزاعة سمعت بجمعک لمحمد فجئتک لأکون معک. قال: أجل انّی لأجمع له، فمشیت معه و حدّثته و استحلى حدیثی حتّى انتهى الى خبائه و تفرّق عنه أصحابه، حتّى إذا هدأ الناس و ناموا اغتررته فقتلته و أخذت رأسه، ثم دخلت غارا فی الجبل و ضربت العنکبوت علیّ، و جاء الطلب فلم یجدوا شیئا فانصرفوا راجعین، ثم خرجت فکنت أسیر اللیل و أتواری بالنهار، حتّى قدمت المدینة فوجدت رسول الله (ص) فی المسجد، فلمّا رآنی قال: أفلح الوجه. قلت: أفلح وجهک یا رسول الله. فوضعت رأسه بین یدی رسول الله (ص) و أخبرته خبری، فدفع إلیّ عصا و قال: تخصّر بهذه فی الجنة، فکانت عنده، فلمّا حضرته الوفاة أوصى أهله أن یدرجوها فی کفنه ففعلوا. و کانت غیبته ثمان عشرة لیلة، و قدم یوم السبت لسبع بقین من المحرّم، انتهى.
1) الکامل 2/ 170.
2) الطبقات الکبرى 2/ 50.