ثم قال محمد بن سعد قالوا: قدم وفد بنی حنیفة على رسول الله (ص) بضعة عشر رجلا فیهم رحّال بن عنفوة، ثم عدّ أسماء جماعة منهم، الى ان قال: و على الوفد سلمى ان حنظلة، فأنزلوا دار رملة بنت الحارث و أجریت علیهم ضیافة، فکانوا یؤتون بغداء و عشاء مرة خبزا و سمنا و مرّة تمرا نثر لهم، فأتوا رسول الله (ص) فی المسجد فسلّموا علیه و شهدوا شهادة الحق
و خلّفوا مسیلمة فی رحلهم، و أقاموا أیّاما یختلفون الى رسول الله و کان رحّال بن عنفوة یتعلّم القرآن من أبیّ بن کعب.
فلمّا أرادوا الرّجوع إلى بلادهم أمر لهم رسول الله (ص) بجوائزهم خمس أواق لکلّ رجل، فقالوا: یا رسول الله (ص) إنّا خلّفنا صاحبا لنا فی رحالنا یبصرها لنا و فی رکابنا یحفظها علینا، فأمر له رسول الله (ص) بمثل ما أمر به لأصحابه، و قال (ص): لیس بشرّکم مکانا لحفظه رکابکم و رحالکم، فقیل ذلک لمسیلمة، فقال: عرف انّ الأمر إلیّ من بعده، و رجعوا إلى الیمامة و أعطاهم رسول الله (ص) إداوة من ماء فیها فضل طهور، فقال (ص) إذا قدمتم بلدکم فاکسروا بیعکم و انضحوا مکانها بهذا الماء و اتخذوا مکانها مسجدا، ففعلوا و صارت الإدواة عند الأقعس بن مسلمة، و صار المؤذّن طلق بن علی فأذّن فسمعه راهب البیعة فقال: کلمة حق و دعوة حق، و هرب فکان آخر العهد به، و ادّعى مسیلمة لعنه الله النبوة، و شهد رحّال بن عنفوة انّ رسول الله (ص) أشرکه فی الأمر فافتتن الناس به.